Résumé:
تناولت هذه الدراسة عرض الحلول لمشكلة العجز في موازنات البلدان الإسلامية. وذلك من خلال التعرض
لهذا الموضوع من طرفيه الاقتصادي والشرعي معا بشيء من التفصيل ، وذلك باستقراء الحلول الممكنة لها شرعا
على شكل بدائل ووسائل معالجة ناجحة ومتوافقة مع توجيهات الشرع.مع محاولة لعرض بعض التجارب الدولية
التي حاولت إتباع منهج النظام المالي الإسلامي في تسيير نشاطاتها الاقتصادية وتمويل عجز الموازنة العامة بالبدائل
الشرعية.
وقد تم التوصل إلى أن تطبيق النظام المالي الإسلامي لتمويل عجز الموازنة العامة يحتاج إلى أمرين:
سياسة اقتصادية فاعلة ومتحركة، تتمسك بالمبادئ الإسلامية. -
تحديد أولويات عملها ونشاطها حسب المصالح الشرعية. -
فتناولنا لمثل هذا الموضوع، كان نظرا لأن مشكلة العجز تعد المشكلة الأساسية في السياسات المالية لمعظم الدول ،
لذا كان من الضروري محاولة إيجاد الحلول لهذه المشكلة سواء على المستوى التقليدي أو المستوى الإسلامي.
ولهذا خصصنا لبحثنا قسمين تم التطرق فيهما إلى تمويل عجز الموازنة العامة للدولة في ظل النظام المالي التقليدي
، وتمويل عجز الموازنة العامة للدولة بالبدائل الشرعية في حالة تطبيق النظام المالي الإسلامي.
فعلى المستوى التقليدي: ناقش البحث الأوجه المختلفة لتعريف العجز في الموازنة العامة وما هي الأسباب
الكامنة وراء حدوث هذا العجز، وكيف نظرت إليه الأنظمة الاقتصادية المختلفة ، وما هي الآلية التي استخدمتها
لعلاجه، وتبين أن كل نظام اقتصادي كانت له نظرة مستقلة، وآلية علاج مختلفة، فقد تباينت تلك الرؤى
واختلفت رغم أن هدفها واحد، وهو علاج العجز في الموازنة العامة، وقد تم التوصل إلى نتيجة أنه لا توجد سياسة
مثلى يمكن أن تعمل بنجاعة تحت كل الظروف، بل أن نجاعة سياسة معينة محدد ومؤطر بظروف محددة. ومع انه
سادت مؤخرا سياسة صندوق النقد الدولي في علاج عجز الموازنة العامة، إلا أن تلك السياسة اختلفت وتباينت
نتائج تطبيقها، بحيث ظهرت الكثير من الجوانب السلبية في التطبيق .
أما على المستوى الإسلامي: فقد اعتمد على فكرتين أساسيتين، اعتمدت الفكرة الأولى: على تحليل الفكر
الإسلامي لعوامل تراجع الإيرادات العامة للدولة من وجهة نظره الذاتية، لإعطاء تعريف لعجز الموازنة العامة،
وبالتالي أعطى علاج لهذا العجز عن طريق إتباع الأحكام الشرعية التي تسهم في تخفيف الضغط عن الإنفاق
العام، مثل الزكاة والوقف والتكافل الاجتماعي. ومن ثم إيجاد بدائل للتمويل تعتمد على قيام الأفراد بتحمل
مسؤولياتهم تجاه الدولة وبالعكس أيضا من باب أولى، واللجوء إلى مصادر التمويل المشروعة والتي تعتمد على:
القرض الحسن والضرائب بشروطها وضوابطها، وكذلك بعض الصكوك الإسلامية مثل سندات المرابحة، والسلم ،
والاستصناع، والمضاربة، وبعض أنواع السندات الايجارية.
أما الثانية:فاعتمدت على تقييم الفكر الإسلامي لمصادر التمويل المعاصرة وبيان الحكم الشرعي فيها مع إقرار ما
يتوافق من مناهج وبرامج معاصرة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها ومقاصدها، وقواعدها الكلية، وجواز
العمل به، ورفض ما يخالف ذلك.
ومن أهم النتائج المتوصل إليها:
مع تنوع مصادر التمويل الداخلية والخارجية لعجز الموازنة العامة في النظام المالي التقليدي، إلا أنه أدى -
إلى ازدياد حجم الدين العام الداخلي والخارجي تبعا لذلك، مما أدى إلى زيادة الإنفاق العام المخصص
لفوائد وأقساط الديون ، بالإضافة إلى خطر التضخم ،مما أدى إلى زيادة العجز وبالتالي أصبحت صيغ
التمويل في الاقتصاد التقليدي عاجزة عن تغطية العجز في الموازنة العامة وإيجاد حلول له.
إن عجز الموازنة العامة )حال تحققه( في البيئة الإسلامية يكون ذا طبيعة مؤقتة، وغير متراكمة، نتيجة -
للقيود الكثيرة التي تفرضها الشريعة على الاقتراض، وأيضا لرشد الإنفاق العام. وأن احتمالات تحقق عجز
الموازنة العامة تنخفض بصورة معنوية في البيئة الإسلامية لتوفر القواعد والمبادئ التي ترشد سلوك الإدارة
العامة، ووجود البدائل التمويلية الإسلامية المبنية على المشاركة وعلى القروض الحسنة.
- صيغ التمويل الإسلامية يمكن أن تكون أكثر فاعلية في حل مشكلة عجز الموازنة العامة، مقارنة
بالسياسات الاقتصادية الانكماشية التي تقترحها المؤسسات الدولية للدول المدينة، والتي أوضحت تجربتها
خلال العقود الثلاث الأخيرة أنها غير فعالة في حل تلك المشكلة.
وعليه ، فبالرغم من تنوع المناهج والبدائل المعاصرة في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة ، يبقى
استمرار العجز في الموازنة العامة، لهذا تجدر الدعوة إلى اعتناق المنهج الإسلامي في علاج هذا العجز،
وذلك بما يوافق عليه من بعض وسائل هذه المناهج، وما له من ذاتية في تمويل العجز باستخدام العديد من
التشريعات الإسلامية التي من شأنها أن تخفف الضغوط عن الموازنة العامة للدولة، مثل الزكاة والوقف
والتكافل الاجتماعي...والصكوك الإسلامية.