Résumé:
تعد ظاهرة الاغتراب من الظواهر الهامة التي نالت حيزًا واسعًا في الدراسات الأدبية الغربية والعربية على حد سواء،فظاهرة الاغتراب لصيقة بالوجود الإنساني وملازمة له،ولذلك نلاحظ انعكاسها في الأعمال الأدبية وفي الشعر تحديدًا،لما يحمله من خصوصية،إذ أنه يظل إجمالًا ترجمانًا للإحساس والعواطف والأفكار ، وميدانًا رحبًا لهواجس الإنسان،وتعبيرًا أصيلًا عن خلجات النفوس،كما أنه يبقى أكثر قدرة من النثر على عكس تجارب الشاعر الحزينة والمؤلمة بشكل صافٍ،ولأن الشعر كان ولا يزال وسيبقى تجسيدًا لاستجابة إنسانية لرؤية العالم،فقد كان أكثر صلة بظاهرة الاغتراب وأفصح في التعبير عنها وأدق في تصويرها،والدارس للشعر العربي الحديث يصادف فيضًا من مشاعر الاغتراب بمختلف أنماطه،إذ أنه انبثق عن هذه التجربة الشعرية وبالخصوص في شعرنا الحديث مضامين عرفت بأدب المنفى والسجون. فمن المشهور أن مكافحة الاستعمار الغربي من أهم ما إشتغل به الشاعر العربي في بدايات العصر الحديث،وخاصة بعد حملة نابليون على مصر عام 1798م،التي كانت نقطة انطلاق النهضة في العالم العربي،ما أدى إلى انتشار هذه الظاهرة المشؤومة على كثير من الأقطار العربية،وتأثر المجتمع العربي بما في الجوانب السياسية والإجتماعية والثقافية،فوقف كثير من الشعراء والأدباء أمام الحوادث الطارئة والمستجدات التي أثرت سلبًا على بلادهم،ومن جراء ذلك نُفُوا وسجنوا وتحملوا المصائب والمشاق،منهم محمود سامي البارودي الذي يعد رائدًا للنهضة الأدبية العربية الحديثة،حيث قال عنه عمر الدسوقي إن:"الشعر العربي الحديث الذي نتذوقه ونقرؤه مدين لمحمود سامي البارودي رائد شعراء النهضة الحديثة بدين كبير"،حيث أنه قد نال نصيبة من الألم والغربة والفراق سبع عشرة سنة في سرنديب،وتبلور هذا الإغتراب بشكل بارز في اللفظ والمعنى التي اتخذها الشاعر في شعره.