Résumé:
التكتلات الإقليمية ظاهرة ميزت العصر الحديث، وذلك سواء من حيث أهمية الأمثلة التي يقدمها لنا الواقع أو من حيث تبلور معالم التكتل في صورة واضحة ومحددة تتعدى بكثير ما قد نجده من مظاهر مماثلة في الماضي كالسوق الأوروبية المشركة، فنجد من حولنا تكتلات اقتصادية أمريكية وآسيوية وإفريقية تجمعها المصالح مدعومة بسياسات. ولهذا أقامت الدول العربية منذ وثيقة تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945 وحتى الآن عدداً كبيراً من البنى التشريعية والمؤسساتية التي تهدف إلى تطوير العمل الاقتصادي العربي المشترك. وتعتبر تنمية التجارة العربية البينية من الأهداف الأساسية التي سعت إلى تحقيقها برامج وخطط التعاون الاقتصادي العربي المشترك وذلك بإتخاذ عددا من المبادرات العملية لتحرير التجارة العربية البينية أهمها إبرام الاتفاقيات الثنائية والجماعية، وكانت أول اتفاقية لتسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت قد وقعت في إطار الجامعة العربية عام 1953، ثم جاء قرار السوق العربية المشتركة الذي صدر عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1964، ثم اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية عام 1981، والتي ترجمت أسس إستراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك التي أقرتها قمة عمان عام 1980. ولم يكتب لهذه الخطوات النجاح المنشود طيلة عقود من الزمن لأسباب عديدة حيث تعددت الأسباب والمعيقات التي تسببت في عدم تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وبصورة تحقق أهداف وتطلعات الأمة العربية،كذلك فقد شهد عقد الثمانينات من القرن الماضي قيام تكتلات اقتصادية عربية إقليمية انطلقت من القرب الجغرافي، فقد تم تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 وكان الهدف منه قيام منطقة تجارة حرة بين الدول الخليجية (البحرين، الكويت، عمُان، السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر) ثم تأسيس اتحاد دول المغرب العربي عام 1989 والهدف منه كان توحيد التعريفة الجمركية الخارجية لهذه الدول وضم في عضويته (الجزائر، تونس، ليبيا المغرب، موريتانيا)، و تم تأسيس مجلس التعاون العربي عام 1989 والذي ضم (الأردن، مصر، العراق، اليمن) رغم أن هذا الأخير لم يعمر طويلا.هذا إضافة إلى إقامة منطقة التجارة الحرة العربية والتي تهدف إلى إلغاء الرسوم الجمركية بين الدول العربية الموقعة للاتفاقية والتي بدأ في تنفيذها منذ عام 1998.هذه التطورات على الساحة العربية تثير الحديث عن التجارة العربية الإقليمية وعن ضرورة تنميتها وتطويرها وكذا البحث في معيقات وسبل تنميتها بين الدول العربية،خاصة في منطقة الخليج العربي، ومنطقة المغرب العربي، ووجود كل من مجلس التعاون الخليجي وإتحاد المغرب العربي كتكتلين إقليميين عربيين جعلنا نتطرق إلى موضوع التجارة العربية الإقليمية وذلك من خلال دراسة تحليلية بين مجلس التعاون الخليجي وإتحاد المغرب العربي.